الأربعاء، 24 يوليو 2013

بطاقة تعريفية على شكل مقال في طيتها عوالم ومشاهير سحرتهم المدينة بجمالها

مدينة بوسعادة

من لا يعرف مدينة بوسعادة .. المدينة الساحرة …مهد الجمال والقرآن وقلاع العلم الثائرة.. أريج ساحر يغمرك ساعة الجلوس على ضفاف مقهى ”الزجوة” الذي يبقى شاهدا على الزمن الذي تواتر على مدينة العروش الأربع والعشرين ومنطقة سيدي ثامر. بوسعادة المدينة على مرمى حجر من الجزائر العاصمة ببعد لا يتعدى 240 كلم من جهة جنوبها، حيث تعتبر من أقدم الدوائر على المستوى الوطني، من مسمياتها مدينة السعادة، وبوابة الصحراء نظرا لكونها أقرب واحة إلى الساحل الجزائري، حيث تتميز بجو حار صيفا ومعتدل ودافئ شتاء نظرا للجبال والفيافي المحيطة بها والتي تزيدها حسنا وبهاء. ولو سنحت لك الفرصة بزيارتها فانك ستكتشف الجنة لا محال … تعتبر منطقة بوسعادة ذات كثافة سكانية عالية إذ قدر عدد سكانها حوالي 300000 نسمة عام ،2006 وتضم أحياء شعبية كثيرة، نذكر منها حي العشايشة بوسط المدينة قرب ساحة الشهداء بأزقته الضيقة التي تشبه كثيرا أزقة حي القصبة العتيق بالعاصمة، وأحياء الكوشة، والقيسة، وسيدي سليمان ذي الكثافة السكانية العالية على أساس أنه أكبر حي في الجنوب، من حيث عدد السكان. كما تشتهر المدينة أيضا بالصناعات التقليدية منها الموس البوسعادي المشهور والسيف البوسعادي وصناعة الحلي والمجوهرات الفضية خاصة… كانت إلى وقت قريب محج الكثير من الأوروبيين وقبلة للسياح الذين يأتونها للراحة والاستجمام والاستمتاع بمناظر النخيل ودعة الشمس التي تطل من وراء جبل كردادة، محملة بنسائم العشق والوله الذي كان يرسله العشاق والشعراء في مدينة السحر والجمال بوسعادة، واحة النخيل ومرتع الحضارة.. رجال من أعماق التاريخ خلفوا آثارهم في كل مكان، على غرار العديد من معالم المنطقة. قد لا تكون السعادة وحدها، وقد يكون الأب أو الحفيد وكل الذين بنوا هذه المدينة الجبلية الجميلة الواقعة على عتبة الصحراء الجزائرية التي ترعرع فيها العلماء والمفكرون وشيدوا فيها نهضة لا تزال آثارها باقية حتى اليوم .. مسيليون في كل مكان، رجال علم وثقافة وإبداع، ولا يزال الأبيض والأسود يحفظ لمدينة بوسعادة وهي التي تتوسد النخيل والجبل تلك المناظر البانورامية الممتعة الخلابة، ولا يزال الجزائريون وكثير ممن زار بوسعادة يحجز للصديق والمحبوب بطاقة بريدية تحمل سحر المكان وأفانين الطبيعة الجميلة. أما الذين وقعوا في حب هذه المدينة فهم كثر ولن يكونوا أكثر من الفنان الفرنسي الشهير نصر الدين إيتيان ديني 

غرقا في حب بوسعادة وإلى الأبد. بن خلدون مرّ من بوسعادةشهدت منطقة بوسعادة إبان ثورة التحرير الكبرى معارك هامة، وساهم أبناء المنطقة في حرب التحرير الكبرى، ومن أهم المعارك التي شهدتها بوسعادة والمناطق المجاورة، لها معركة جبل بوكحيل 55 كلم جنوب المدينة، ومعركة جبل ثامر جنوب بوسعادة، كما توفي بالمنطقة قائدي الثورة الكبيرين العقيد عميروش وسي الحواس، كما احتضنت جبل امساعد جنوب مدينة بوسعادة الولاية السادسة، وكانت مسرحا مخضبا ومضببا بالمعارك التي انتحرت فيها شواهد الاستعمار الغاشم. وقبل ذلك فإن تاريخ بوسعادة كما يقدمه علماء الآثار والباحثون يضرب في أعماق التاريخ، يحكي شواهد هذه الواحة التي يقول المؤرخون إنها كانت آهلة بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ، وقد تم العثور على مسافة 4 أو 5 كلم جنوب المدينة على العديد من الآثار التي تدل على وجود سكان على ضفاف وادي بوسعادة منذ العهد ”الايبيروموريزي” أي منذ حوالي ثمانية آلاف أو عشرة آلاف سنة. كما تم العثور على كمية كبيرة من الأدوات المصنوعة من معدني الليتيوم، واستخرجت المكاشط والصفيحات وقطع الصوان من طبقات المعادن المحاذية للوادي، بالإضافة إلى بقايا جثث حيوانات ذلك العهد، كما تدعمت المنطقة باكتشاف مغارة عجيبة ببلدية الخبانة التي لا تبعد عن مدينة بوسعادة سوى 40 كلم، والتحقيقات جارية من قبل مسؤولي المنطقة لتصنيفها جيولوجيا. وعلاوة على ذلك، فقد لاحظ المؤرخون والباحثون وجود أثر حيوانات رباعية الأقدام على جدران صخرية، تبعد بعض الكيلومترات شمال غرب واحة بوسعادة. وكانت هذه الحيوانات محل اصطياد وعيش أناس ما قبل التاريخ في المنطقة، فعلى طول سلسلة جبال سلات، هذه الجبال التي جال وصال فيها العلامة ابن خلدون. وفي أعالي طريق سيدي عامر مازالت تلاحظ رسومات صخرية هي أشبه برسوم البيسون، أما الرسوم الصخرية فتذكر الزائر بصور التاسيلي الجدرانية التي تشابهها أشد الشبه، ولكن الباحثون لم يتأكدوا بعد من المدة التي تفصل بين حياة أولئك الذين عاشوا في عصر ما قبل التاريخ، وبين حياة سكان الحضنة الذين يشهد التاريخ بأنهم من أوائل سكان هذه المنطقة، غير أنه قبل الاحتلال الروماني لأماكن محددة من السهب، كانت هذه الأخيرة آهلة «بالجيتول» وهؤلاء البرابرة الرحل على الرواية الرومانية كانوا في تنقل مستمر في الهضاب العليا بحثا عن

 
 المراعي.لقد اشتهرت بوسعادة مثل بقية المدن الجزائرية التاريخية بفنون العمارة الإسلامية، وشهدت فيها المساجد والبناأت العمرانية نموا ملحوظا، بل وبرزت من خلال هذا العمران أهمية الروح الإسلامية والطراز الهندسي الفاخر، الذي تميزت به مساجد بوسعادة، كما هو حال مسجد زاوية الهامل ذي الطراز المعماري الرائع، ومسجد النخلة والمسجد العتيق الذي بناه الشيخ العالم سيدي ثامر. وقد استعمل البناءون البوسعاديون في عمارتهم وسائل طبيعية كالنخيل والعرعار الذي كان ينمو بجبال المصمودي بجبل امساعد، التي كانت تعتبر الثروة الطبيعية الهائلة التي حفت الثورة التحريرية وضمنت الحماية للمجاهدين نظرا لكثافة أشجارها ومسالكها الوعرة، وعليه فقد وظف معماريو بوسعادة ما لديهم توظيفا موفقا في بناء المساجد التي تقدم النموذج الأمثل في العمارة والبناء الإسلامي بفنونه وزخارفه وطرازه الرائعة، ناهيك عن صناعة الوعي عبر العلوم وفنون التحصيل المعرفي الذي تميزت به بوسعادة عبر تاريخها المجيد، ولا تزال بهذا الصدد مدارس القرآن والزوايا معالما دينية وحضارية وفكرية تشع على المنطقة بعلومها ورجالها، ولا تزال الهامل غارقة في متاهة الزمن وفية لتدريس القرآن المتواصل على مر الأيام منذ تأسيس هذه الهيئة قبل الثورة التحريرية. لمدينة بوسعادة عالمها الخاص، كرائحة التراث وعبق الماضي والسيوف والبرانس، الفضة والذهب وحلي العرس وهدايا تذكارية لا تنسى. ولا شك أن ”الحلية ء الحرز” تشكل لغزا بين حليّ هذه الواحة، وهي التي تضطلع بوظيفتين، وظيفة واقية من الأمراض ووظيفة جمالية، وأن الطلسم ذا العلبة الفضية هو في الواقع وقبل كل شيء مجمع لآيات قرآنية يفترض أنها تبعد كل العناصر المرضية وأولها الشياطين. ففي مجتمع تقليدي محافظ مازالت الأداة التي تبعد الشيطان عن الناس هي علاج واق يجله الناس ويقدرونه، لتعلقه بالمحتوى، أما بخصوص الحاوي ”العلبة” فإنه إذا كانت العلبة صغيرة مصنوعة من الفضة المنحوتة فهو يزيد من جمال الشخص الذي يحمله، وأن الحلية التي تحصن الإنسان غالبا ما يكون حجمها ”4 سم في 3 سم”، فيلبسها المحصن في غالب الأحيان من سلسلة فضية جميلة، وهو ما يزيد حاملها جمالا وزينة. وأما علبة الجلد الأحمر ”فيلالي”، فما هي إلا رد على صندوق الفضة الصغير، وهما متشابهان في الواقع، غير أن العادة جرت بين سكان الواحة على استعمال حجاب الفضة أفضل من استعمال تميمة الجلد وحتى المشبك ”أو المجحن البسيظ’، فيصلح لأن يكون أداة زينة، وفي نفس الوقت فهو أداة نفعية وفائدته ربط جانبي هدبي 

 
اللباس الصوفي.خيم وخيل وهوليوود والبقية تأتي.. أما الخيل فهو عنوان آخر لمدينة تضرب في أعماق تاريخ الفحولة والفروسية، فالبوسعاديون خيالة بطبعهم، وعندما تستمع إلى الفارس الحاج عطية تشعر بالراحة والتلقائية التي تغمر قلبك وأنت تجلس داخل الخيمة البوسعادية، حيث الشاي الأخضر والفول السوداني ولذة الصحراء التي تختزل زمن الشعر والغناء والفلكلور الشعبي الذي تشتهر به بوسعادة، ويرتفع عاليا مدويا جميلا أخاذا صوت المطرب الكبير خليفي أحمد بصوته وشدوه الذي يجيء جميلا عذبا مع صوت شابة بوسعادية ساحرة، وأغنية تفضلي يا آنسة للمطرب البوسعادي مصطفى زميرلي، فإن السحر يأخذك بعيدا في أحلام وحكايا تروي قصص ملوك الحب.. لقد كانت الخيمة دليل الكرم والضيافة العربية، وفي واحة بوسعادة يفيض الكرم والخير وتذهب العين على المدى البعيد في مناظرها الطبيعية التي سحرت في الأربعينيات الأمريكيين، وقد كادوا يقيمون أستوديو ضخما للسينما في بوسعادة لما تتمتع به من صور غاية في الجمال والروعة، تصلح لأن يصنع بها وفيها مشاهد سينمائية متميزة، لا تحتاج إلى ديكور أو مهندسين. في باب الصحراء وفي الخيمة البوسعادية يكون الفرح والأعراس والشعر والشاي وتلقائية الحكي الذي يصنعه السرد والقول الشعبي الذي لا يموت في واحة حباها الله بالسحر والجمال فإذا هي جنة الله في الأرض. العاشق المسلم ديني عاشق بوسعادة وفنانها الكبير الذي يسمى بيته اليوم بمتحف نصر الدين ديني جاء من باريس من عمق الحضارة المادية وضيق الإيديولوجيات التي لا تريح مزاج المبدع، فخرج يطوي الأرض نحو بوسعادة، حيث حط الرحال واستراحت نفسه للإسلام فدخل فيه فردا مؤمنا مسلما، وتلقب باسم نصر الدين ديني المولود بباريس عام 1861ميلادي والمعتنق للإسلام عام 1913م بعد أن قضى فترة طويلة في واجهة بوسعادة، يستلهم من جمالها لوحاته وإبداعاته التي تمثل صورة الحياة الصادقة الصافية في وجوه نساء جميلات يعتمرن اللباس التقليدي ويمشين إلى الواحة فيسحرن الناظر إليهن ويأخذن بسويداء قلبه. هو ذا مثل البوسعاديين ينتظر قمر رمضان، مشدودا إلى السماء بعد أن كان مشدودا إلى الأرض في بوسعادة، أسلم وقضى فيها حياة فنية عامرة بالعطاء والرسم. اليوم بقية من روحه العطرة وتراث من الإبداع الذي استلهمه نصر الدين ديني من بوسعادة وحياة ناسها البسطاء الطيبين ومن نسائها الجميلات ومن طبيعتها الساحرة من نخيلها الباسق ومن تمرها الحلو وهي التي سكنت قلبه فسكن أرضها إلى الأبد ، بالإظافة إلى الفنان العالمي الآخر الذي مكث أكثر مدة وهو البلجيكي ادوارد فارشفلت وتزوج و انجب بنتا ولد من فاطة البرهومية ، والذي توفي سنة 1955 مخلفا وراءه جدلا كبيرا بين إن كان قد أسلم ام لا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق