الأحد، 31 مايو 2020

المصباح الساحر

وخرجت في نزهة إلى إحدى  الأرياف الفرنسية 
كان الجو ربيعيا ساحرا وكأن السماء في صفائها سرقت  قطعة من ربيع الجزائر 

نسيت غربتي وأنا أغوص في كهوف الانسانية 
كان المكان تاريخا صامتا والباعة الفرنسيون يبيعون التحف القديمة ويتباهون بما ترك أسلافهم من آثار قيمة 
أشياء عديدة أثارت إعجابي 
فعلا كانت  مبهرة تلك الحضارة برموزها وكتبها وتحت بريق سماء المتوسط 
ذلك البحر العظيم الذي كان ومازال قلب الإنسانية بما تعاقبت عليه أحداث وبطولات وأمجاد 
إقتنيت  تحفا أحسست أنها قيمة 
لكن واحدة من هذه التحف ملكت وجداني لقيمتها الانسانية 
ليست لوحة لفنان معروف تساوي الاف الدولارات 
بل هي سوى رمز بسيط وجدت له مغزى واسع الصدى 
لا حظ البائع إهتمامي المتزايد بهذه التحفة الرائعة وآبتسم قائلا 
 أحييك سيدتي  على ذوقك لا أحد إهتم بهذا المصباح القديم سواكي 
وسألني إذا كان هذا المصباح يذكرني  بطفولتي مثلا أو بأهلي 
أخبرته أنه  في طفولتي كان ولى عهد هذا المصباح 
 فكان السعر  زهيدا أدهشني ذلك فقلت له أنت تبيع زمنا 
وتمنحني عصرا بمبلغ لا يمكننا من خلاله اقتناء دقيقة واحدة نظر إلي مبتسما  
و مد يده  وقال لي أنت تبحثين عن مرحلة لك فيها ذكريات 
أجبته 
بل أبحث عن عصر كان فيه الإنسان قريب إلى الانسانية 
بعيدا عن التكلف 
عن زمن البساطة عندما كان هذا المصباح قلب يلتقي فيه أفراد الأسرة ليتقاسموا النور ويحسون بقيمته 
كان الجميع سواسية في آمتلاكهم زجاجة وكأنها مصباح دري
قال لي لانك مختلفة خذي هذا المصباح هدية مني سيدتي
قلت له لقد وهبته قيمة عالية وأنت تهديه 
ولم تحصر قيمته في  قيمة مالية 
إن قيمته أكبر 
من ملايين الكون لدي 
هو الزمن الذي عبرنا من خلاله أمواجا هادئة لنصل إلى فوضى المحيطات في زماننا البائس بما امتلك من آخر تكنولوجيا الأضواء 
بالنسبة لي هذا المصباح كان النور 
وأما ما هو قائما الآن فهو أضواء لكنها فاقدة لجوهر النور 
حياة

السبت، 30 مايو 2020

عالمي

عالمي
هو تلك الزاوية الجميلة التي أمتلكها وتمتلكني ،نتساوى في حقوقنا ومشاعرنا  فعقدنا لم يبنى على الإختلال ،بني على فكرة لا يمكنها أن تتغير لأننا ولدنا معا. هو المساحة وأنا الروح ،هو الوجود وأنا الموجود ،عالمي هو أنا بلحظات ميلادي وما تحمله من دلالات فرضتها الطبيعة ،هو أنا بطفولتي ،كيف آستقبلتني الحياة وكيف أحببتها ،كيف ارتبطت بحب الله وآمنت أنني إبداعه ومتى تعلمت كيف جئت أنا إلى هذا الوجود وكم كنت طفلة حينها وكيف انتقلت طفولتي من عهدها إلى عهد أمي ،عالمي هو تلك الأرجوحة التي كان علي صعودها لوحدي .وفي كل الفترات  أَجِد عالمي ينتهي بي أنا ويكتفي كما بدأ بي لوحدي .
حياة قاصدي

الاثنين، 18 مايو 2020

جدارية وطن


.
أبحث عنك ..
في روزنامتي المنسية ..
في الأدراج المبعثرة
والمناطق المحاصرة  
 تنتظر أناملي 
حروفك الأزلية 
ترافقني أحلامي 
لأجد نفسي 
أنا وأنت 
عالما ثائرا 
من مخيمات اللاجئين..
سأبحث عن الشمس الثائرة..
سأستعيد  الشواطئ البعيدة..
حيث  أوقفت زمني 
رقصات الساعة
ومنعت مروري 
 جداريات و طلاسم الخيانة 
أنا الذي أحبته الأرض قبل أن يحبها..
كيف  أعيش دون نبضك .
وأنا التي وهبت الخصوبة 
لن أحمل خارج أرضك 
لن تُجهض أحلامنا 
أجنتها 
سنرسم معا في خيالنا 
ربيعا منتظما..
وشتاءا ماطرا ..
 يعانق البحرأجسادنا
  ويجهض الفجر 
خياناتكم 
ذات مساء
لا تغادري يا صغيرتي..
هناك فوق التلة..
ينتظرك القمر مبتهجا..
فردي عليه سلامه بأحلى سلام.

السبت، 16 مايو 2020

لستِ أنثى

‎من قال أنك أنثى

من قال أنك أنثى
في سفينة نوح
كسر الغاب
ظهرك
وحملت النوارس
سحرك
كالحمامة أنت
لا أرض
لا وطن
ولا منفى

من قال أنك أنثى

أنت محرمة سيدتي
من دخول مدننا
من ركوب سفننا
من الحضور في موائدنا
عيب وجودك
في حدائقنا
إذا كنت زهرة
ستحرقين
في قلب الحر
إذا كنت نجمة
سيزج ببريقها
في النهر
في لمحة برق
ستغرقين في قاع البحر

أيتها الأنثى
دعي أفراحك تنام
علميها كيف تهجر الأحلام
لقنيها كيف تلعن الأنوثة
كيف تسكنها
قفصا
فما الأنوثة سوى
أوهام
علميها
أن الأنوثة لدينا
كالنبيذ
لا يحلوا سحرها إلا وهي
كالخمر محرم شرائها
و ساحر شرابها .
حياة قاصدي

الخميس، 14 مايو 2020

هايكو


نبض الهايكو.....

دوي القصف؛
يحتضن أحلامه الهادئة
نائمٌ أصم

°°°°
بلا هوية !
يعبر آخر الحواجز بسلام-
حصان عربي

°°°°
ما بالها تسقسق
مستوحشة في قفصها-
دقات قلبي

°°°°°°°
بحجر طائش!
يتبعثر على زجاج النافذة - 
ضوء القمر

زرمان منير 
الجزائر

الاثنين، 11 مايو 2020

أمنية المطر

كم أتمنى أن أكون  كقطرة ماء تنزل فتحدث صدى ،تحدث إنقلابا حيثما حلت ،كتلك القطرة الأخيرة التي أفاضت الكأس فغامرت بالغيث
 .هناك في مكان ما نام الماضي وانزوى في قلب الكهف،ليس شرطا أن نكون أنبياء لنرى الحق ،النور الذي في القلوب وحده يكفي ليهزم عتمة المكان ووحشة الوجود ،حتى نقرر كيف نعبر عن إرادتنا ومواقفنا قد نجد الوسيلة الممكنة لنبتعد عن الضلال أو نواجه الضرر ،تلك الأرواح التي احتمت في كهف هروبا من عصر فاسد تستهوينا للخروج من كهوف دخلناها لنقتل ما فينا من حياة .
حياة

السبت، 9 مايو 2020

أبحر وحيداً




أبحرُ وحِيدًا في فُلْكِي
بلا أحْبَابْ...
إلى وطَنٍ غَريبٍ...
بِـلا نَوافِذَ أو أبْوابْ...
***     
بِه الحَيَاةُ حُرُوفٌ وَنُقَطْ...
أُجَذِّفُ بَحْرِي عُنْوًةً ...
أجَل كُنْتُ وَحْدِي
كُنتُ وَحيداً وفقطْ...
***
يَخفِقُ قَلبي فَجْأةً...
صَوتُ نبْضِي فِي عِتَابْ...
هُطُولُ أمْطاري وشيك
أحْسَبُها تَحْت السحابْ
***
حَقيبتي مُكبَّلةٌ بالأصْفَاِد بالنُّقَطْ
 بالحَركاتِ والسَّكنات
ضمَّات نفسي أحملها...
أمَّا السُّكُون فقد سَقطْ...
***
قَارِعَة الأفْكَارِ واشِيَةً
مَوعِدَ الإبْحَارِ للأحْبَابْ
فتوارَى مَرْفَأ الأفْكارِ عَنِّي
حتى تُهْتُ فِي السَّرابْ

وحده الورد يعبر بي المسافات

وحده الورد 
يعبر بي المسافات 
وحده يحضنني 
يراقصني 
يدللني 
يلبسني حلي العرائس 
يدغدغ  خدودي 
يلامس شعري 
يهديني عباءة الأميرات .


وحده الورد 
يسكنني أغصانه 
يبوح بعبقه 
يدخلني مملكة الوجدان 
يجعلني أجري كصغيرة 
وراء الفراشات 


وحده الورد 
لا يقدر على الغياب 
يعلمني كيف أغرق 
وأنجو 
كيف أعود من سفر
وأمحو من ذاكرتي 
أحزان وخيبات .

وحده الورد 
يسمع أشواقي 
يردد ألحان قلبي 
يعزف 
يغازل 
لقلبي 
إلياذة الروح 
وحده يستحضر روحي 
في لحظة 
عجزت 
عن فهمها 
جميع اللغات .
حياة

الاثنين، 4 مايو 2020

سيدة العصور

سافرت روحي بأجنحتها المتمردة ،فالعتيقة أصابتها حمى الدمى ،لاتدرك هي متى يبزغ النور ومتى تهدأ الرياح  ،
شيء من الصدف يلقي بك إلى أجمل موعد مع السماء ،حينها يناديك فضاؤها ،يستلهمك سحرها ،يلوح إليك النصر بالسفر ،  ويصعب عليك فك حبال الأسر،،، عليك بالجري فوق الشوك  ،بالسقوط في قاع البحر ،وحمل الرماد بين يديك لأنك لا تملك الخيار ،عن أجنحة تطير بك وتخرجك من الخوف عليك بالبحث ، لأنها هي التي تتحدى ،تتحدى خوفك ،تتحدى سجنك وتكسر كل ما بداخلك ،ذاك القطيع من الغنم الذي تربى وترعرع في عمقك عليه بالرحيل ،لم يعد له مكان ,ستنقلك رحلتك الجديدة إلى بلد الطيور ،حيث لا أشواك ولا حصار فقط أجنحة ترفرف بك  لتعانق سيدة العصور ،الحرية .

روائعي الداخلية

إكتشفت روائعي الداخلية حينما تغلبت على يأسي
 ،ذاك القليل من الأمل كان وحده كافيا لينصرداخلي
 ،حينما اكتشفت أن الصبا بداخلنا عالم لا ينفذ
 وأن البدايات يمكنها أن تتجدد ،
عندما أمسكت بنفسي وأحببتها ورأيت أن حبي لها وحده يكفيها
 ،حينها أدركت أن تجاربنا سواء كانت قاسية أم العكس هي انتصارات
، مهما كان الإنكسار علينا أن نغازل الحياة بعيون جميلة
.وإن كنا وحدنا نرى عناق السماء .
حياة
المغتربون وصراع الهوية 

لكل أمة هويتها ،الهوية تكتمل بعناصرها الصلبة :العقيدة والتاريخ والثقافة .
بالنسبة لي هي نمط  حياة ،هي شخصية حينما تجتمع لديها عناصرها الأساسية تعطي لنفسها ما يميزها عن الآخر الخارج عن نطاقها الجماعي، ويظهر ذلك في السلوكات والأذواق والتعامل مع المواقف وردود الأفعال تجاه الثقافات الأخرى .
كيف يعرف المرء أنه يحمل جينات هويته الدينية بغض النظر عن إدعائه أنه يحملها فعلا ،هناك سلوكات لا إرادية تكشف حجم الحقيقة التي بداخله ،ليس اللسان من  يجعلنا نكتشفها بل السلوك للاإرادي هو الذي يمنحنا المؤشر الحقيقي على ذلك .
وهذا الطرح له أهمية بالغة حينما يتعلق الأمر بأبناء الجالية المسلمة هنا في فرنسا ،فالأجيال السابقة تتميز غالبيتها بالتذبذب بين ثقافتين ثقافة الوطن الأم بالاسم وثقافة الوطن المضيف التي تمكنت  مع مرور الوقت من القضاء على الإرتباط بالوطن الأم .
حيث لم يكن هناك مؤسسات ثقافية ودينية تحاول التقليل من التأثير الكلي للثقافة الفرنسية على هذه الفئة التي لم تكن قليلة العدد بل وظل عددها في تزايد مستمر،وبقي  تمثال الحضارة الغربية وحضور اللغة الفرنسية  من أهم الأسس التي كونت الوجدان العاطفي للمواطنة والانتماء الحضاري لديها ،وهذا ما أنتج جيلا لا يرتبط في كيانه بالهوية الأصلية .
لكن هذا الإنحراف كما يحلوا لي أن أسميه أوقع  جزءا كبيرا ممن حسبوا أنفسهم فرنسيين بإمتلاكهم اللغة والاوراق الرسمية في حفرة جعلتهم يبقون فيها كالأسرى ،لم يتمكنوا من الخروج منها وظلوا عالقين بداخلها في حيرة من أمرهم .
مع مرور الوقت وتحت تأثير المعايشة والواقع نمى لدى الغالبية الاحساس بالتغريب داخل مجتمع بعيد عنهم كل البعد في أبعاده الروحية ،
 وإن منحهم كل شيء في الظاهر لكنه لم يمنحهم قلبه ،وتظل الهوية هي أصل المحبة الحقيقية للذات وإن إفتقدناها نفتقد بذلك قيمة وجود فقد قيمه .
وكوني أدرس في مدرسة إسلامية خاصة سمحت لي الفرصة أن أتعايش مع عدد من أبناء أمتنا الإسلامية من الأطفال والمراهقين ،فالبرامج الفرنسية تقدم للتلميذ المادة الخام لتكوينه العلمي وتمنحه الفرصة للإطلاع على جميع الثقافات لكن بصفة محدودة جدا ،أما الان وقد تعددت المراكز الاسلامية وبعض المدارس الخاصة ذات الطابع الاسلامي أصبح الطفل يجد في محيطه ما يربطه بهويته وإنتماءه الحضاري ،وأحيانا قبل الشروع في الدرس أخذ من الوقت خمس دقائق أدخل  فيها التلميذ في محيط وزمن يحس فيهما أنه يجد هويته وثقافته التي ينتمي إليها .فالهدف ليس إكتشاف القدرات العقلية بقدر ما هو إكتشاف قدراتهم على إستيعاب محيطهم الحضاري الذي يتلاءم مع دينهم وانتمائهم الفكري  ،والسؤال المطروح باللغة الفرنسية وأعيد صياغته بالعربية :ماهي هويتكم ؟
وتختلف ردود التلاميذ من واحد يقول لك أنا جزائري وآخر انا مصري وآخر انا فرنسي وهكذا ومن بين التلاميذ من هم فرنسيون في الأصل إعتنق أهلهم الإسلام يفتخرون بجملة رائعة Je suis musulman .
الإجابة الأولى بالنسبة لي هي ما ترسخ في وجدان كل تلميذ وهي البوح الذي يعبر فيه عن قناعته الحقيقية ،لكن الإنتماء للوطن الأم في إعتقادي ليس كافيا خاصة حينما يتعلق الأمر بتواجد المسلمين خارج بلدانهم  حيث يشكلون خليطا من دول مختلفة من العالم الاسلامي وهنا يصبح هذا الانتماء عامل تفرقة ،هذا يشوش تفكير الأولاد ويضع الانتماء الديني خارج القناعة الأولى ،فتنشأ من كل  وطن عربي مجموعة  صغيرة تدين له وحده بولائها عوض توحد كل المسلمين تحت لواء واحد وهو الهوية الاسلامية .
لاحظت هذه الظاهرة الخطيرة في بعض برامج التدريس التي وضعت لتعليم اللغة العربية والتي تقسم اللغة العربية الى عدة أقسام كقولهم لغة عربية جزائرية ،تونسية ،الخ .
هذا التخطيط سيفكك جاليتنا أكثر ويفقدها روح التماسك في ظل جد خطير لم نعد نحتمل فيه أن نضعف أكثر مما نحن عليه .
تبقى مسألة لا تقل خطورة عن الذي سبق ذكره ،وجود بعض المتدينين الذين يحملون خطاب إسلاميا يبدوا مفيدا في عمومه لكنه يهدم كل بناء سليم للهوية وهو إن سألتهم أن يعرفون بأنفسهم يكون جوابهم أنا فرنسي ،هذا الجواب الذي يصدر عن مغترب أصوله عربية بحتة ودينه الاسلام يؤدي إلى طمس الجوهر مهما حاول تزيين المظهر ،كما أنه يكشف لنا هشاشة معتقده الديني ووعيه الفكري .

حياة قاصدي